غمد
غمد يَغمُد ويَغمِد غَمْدًا: أي غطى، والغِمد: جفن السيف، وغمد السيف وأغمده: أي أدخله في غطائه، وتغمده الله برحمته: أي غمده وغمره فيها.
في الحديث: "سَدِّدُوا وقارِبُوا، وأَبْشِرُوا، فإنَّه لَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ أحَدًا عَمَلُهُ قالوا: ولا أنْتَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ منه برَحْمَةٍ، واعلموا إن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل"
أي: اقصدوا سداد العمل (أي تمامه دون غلو أو تقصير)، فإن عجزتم فقاربوا (أي اقتربوا منه)، فإذا فعلتم ذلك فأبشروا بالثواب، فإنه لن يدخل الجنة أحد بعمله إلا أن يتغمدنا الله برحمته (أي يغمرنا ويغطينا بها) [1].
من أمثلتها في الشعر هذه الأبيات الجميلة لـعلي الحصري القيرواني:
ينضُو مِنْ مُقْلتِه سيْفاً * وكأَنَّ نُعاساً يُغْمدُهُ
فيُريقُ دمَ العشّاقِ به * والويلُ لمن يتقلّدهُ
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ * عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ
كلّا لا ذنْبَ لمن قَتَلَتْ * عيناه ولم تَقتُلْ يدهُ
إذ يتغزل بعيني محبوبته -وبالذات العينين الناعستين- فشبه عينها بالسيف الذي يغمده النعاس (أي يدخله في غطائه)، فتخرجه وتريق به دم العشاق، والويل لمن يطيل النظر لتلك العيون لما سيشعر به من الألم والعذاب.
==============================
هوامش:
[1]: هنا وجب أن أضع هذا التوضيح من النووي: "وأما قوله تعالى: ( أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأحقاف:14] (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الزخرف:72]. ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة فلا يعارض هذه الأحاديث، بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال، ثم التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها، وقبولها، برحمة الله تعالى وفضله، فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الأحاديث، ويصح أنه دخل بالأعمال أي بسببها وهي من الرحمة، والله أعلم"
تعليقات
إرسال تعليق